احكام يمين الاستظهار القضائية في القانون العراقي
مقدمة:
تعتبر الأيمان القضائية من الأدوات الأساسية في القضاء لضمان العدالة وإثبات الحقوق. تختلف أنواع الأيمان في القانون العراقي حسب طبيعة الدعوى والظروف المتعلقة بها , وللمزيد من التفاصيل عن انواع اليمين القضائية واليمين الحاسمة قم بزيارة مقالة اليمين الحاسمة , اما في هذا المقال سنتطرق إلى توضيح اهم الفروق القانونية بين يمين الاستظهار واليمين المتممة و اليمين التنفيذية , والتركيز على كيفية استخدامها في إطار القانون العراقي.
مفهوم يمين الاستظهار:
يمين الاستظهار تُوجه إلى المدعي في بعض الدعاوى القضائية للتحقق من صحة دعواه، وذلك في حالات محددة مثل الدعاوى المتعلقة بحقوق على الميت أو الغائب أو القاصر. ويتم توجيه هذه اليمين بعد أن يثبت المدعي حقه بأدلة قانونية معتبرة.
الأصل التاريخي ليمين الاستظهار :
يمين الاستظهار من الأيمان القضائية المعروفة في الفقه الإسلامي قضى بها ثلة من الصحابة والتابعين واتفقوا على وجوب تأدية المدعي لها بطلب من القاضي بعد أن يثبت ادعائه بالبينة المعتبرة شرعا وقانونا في بعض الدعاوى وان الغاية منها هو لدفع الشبهة والشك عن دعواه ثم تولى الفقهاء المسلمون تقنين أحكامها وبيان شروطها وتوسعوا في حالات التحليف بها وبما يتوافق مع العلة من تشريعها .
احكام يمين الاستظهار في القانون العراقي :
نصت المادة 124 من قانون الاثبات رقم 107 لسنة 1979 تحلف المحكمة من تلقاء نفسها في الاحوال الاتية:
اولا – اذا ادعى احد في التركة حقا واثبته، فتحلفه المحكمة يمين الاستظهار على انه لم يستوف هذا الحق بنفسه ولا بغيره من المتوفى بوجه ولا ابراه ولا احاله على غيره ولا استوفى دينه من الغير وليس للمتوفى في مقابلة هذا الحق رهن .
ثانيا – اذا استحق احد المال واثبت دعواه، حلفته المحكمة على انه لم يبع هذا المال ولم يهبه لاحد ولم يخرجه من بوجه من الوجوه .
ثالثا – اذا اراد المشتري رد المبيع لعيب، حلفته المحكمة على انه لم يرض بالعيب صراحة او دلالة .
يمين الاستظهار( القضائية ) هي احدى صور اليمين المتممة الاجبارية :
ان يمين الاستظهار تعتبر يمين الزامية يوجهها القاضي للمدعي بعد ثبوت ادعائه بأدلة قانونية معتبرة كاملة لأستظهار الحقيقة في دعاوى معينة وقبل صدور الحكم فيها , ففي الدعاوى المقامة بحق على غائب أو ميت عادة ما يلجأ القاضي إلى تحليف المدعي فيها يمين الاستظهار بعد أن يثبت حقه بالبينة المعتبرة شرعأ وقانونا وذلك لان بينة المدعي المقدمة الى المحكمة كالشهود مثلا لا تولد القناعة التامة لدى القاضي على صحة الادعاء بالرغم من ثبوتها مع وجود احتمال للشك بأن يكون قد أستوفى دينه من الغائب أو الميت أو أبرأه عنه أو أخذ رهناً مقابله دون علم لشاهديه بذلك .
دورها في الحكم الفاصل :
ان الغاية الرئيسية من توجيه توجيهها في مثل هذه الدعاوى وهو تعزيز قناعة القاضي من جهة الادلة المقدمة في غياب المدعى عليه وعدم تمكنه من ابداء دفوعه ومن جهة اخرى الاحتكام الى ضمير الشخص الحالف في الدعاوى المقامة بحقوق على الأموات أو الغائبين أو سواهم ممن تستدعي مراكزهم أو أحوالهم رعاية حقوقهم وصيانة أموالهم وهي لازمة أيضا للتحقق من صدق المدعي وتأكيد حقه فيما ادعاه ودفع الشبهة عن استحقاقه .
مثل ذلك الدعاوى على الميت اذا ادعى المدعي على الميت مالا وانكر الورثة واثبت المدعي حقه فلا يحكم له الا بعد ان يحلف اليمين وكذلك توجه هذه اليمين اذا ادعى احد حقأ على غائب او مفقود او دعاوى المال في حق القاصر والمجنون ومن في حكمهما كالمدعي على الغائب فلا تسمع الدعوى الا بعد اقامة الدليل اي ان تكون هناك بينة قانونية معتبرة ويحتاج الى يمين الاستظهار . وكما وتوجه هذه اليمين في دعاوى الطلاق لعدم الوطء لعيب في الزوج ، دعاوى اعسار المدين ، الدعوى ضد من اودع لديه مال وادعى بهلاكه .. الخ .
شروط التوجيه :
- ثبوت الحق بأدلة قانونية معتبرة .
- ادعاء المدعي جحود المدعى عليه لحقه وانكاره اياه .
- توجيه هذه اليمين يكون بعد اقامة الدليل وقبل صدور بالحكم .
- تعتبر هذه اليمين من النظام العام وفي حالة عدم توجيهها الى المدعي يكون القرار عرض للنقض من قبل محكمة التميبز
- توجه للمدعي فقط بعد ثبوت الحق .
- ترد دعوى المدعي في حالة نكوله عن اداء اليمين و يخسر دعواه حتى وان أثبت ادعائه بأدلة معتبرة شرعا و قانونا لانها يمين الزامية وجوبية .
- لا تحسم النزاع كاليمين الحاسمة ولا تكمل دليلا ناقصأ كاليمين المتممة . .
- توجه في دعاوى معينة مثال ذلك الدعاوى التي تقام على ميت او غائب او مجنون او قاصر .. الخ .
اوجه الاختلاف بين اليمين الاستظهار القضائية و يمين الاستظهار التنفذية :
نصت المادة 37/ اولأ من قانون التنفيذ رقم 45 لسنة 1980 المعدل على :
اولا – على المنفذ العدل تحليف الدائن يمين الاستظهار من تلقاء نفسه في حالة وفاة المدين .
وتختلف هذه اليمين (التنفذية) عن يمين الاستظهار القضائية في عدة اوجه منها :
- ان هذه اليمين هي يمين تنفيذية وليست قضائية لان قانون التنفيذ اوجب على منفذ العدل ان يحلف الدائن بها في حالة وفاة المدين اثناء السير في الاجراءات التنفذية
- توجه نتيجة اجراءات تنفذية ومن قبل منفذ عدل .
- هذه اليمين من مستلزمات الاستمرار بتنفيذ المعاملة التنفيذية , و ليست دليلاً أو وسيلة مكملة للإثبات في دعوى بحق على الميت او غائب .
- على منفذ العدل اذا توفى المدين ان يوخر التنفيذ لغرض تحليف الدائن يمين الاستظهار وكل قرار بخلاف ذلك يكون قابلا للنقض وفي حالة نكول الدائن عن حلف اليمين بعد تكليفه بأدائها فان نكوله يعتبر اقرار منه باستيفاء الدين يستوجب التوقف نهائيا عن التنفيذ اما في حالة نكول المدعي عن حلف اليمين بعد تكليفه من قبل القاضي بأدائها سوف يخسر ما توجهت به اليمين وترد دعواه .
اوجه اختلاف يمين الاستظهار عن اليمين المتممة :
- لا تكمل دليلا ناقصا فهي توجه عند اكتمال البينة او الدليل في حين اليمين المتممة تكمل الدليل الناقص .
- يمين الاستظهار يحلف بها المدعي بدعوى مقامة على ميت او غائب او مجنون او قاصر ..الخ بينما اليمين المتممة يحلف بها كلا الخصمين .
- يمين وجوبية وتعتبر من النظام العام ويتم الحلف بها قبل صدور الحكم وفي حالة نكول المدعي عن حلف اليمين الاستظهار القضائية بعد تكليفه من قبل القاضي بأدائها سوف يخسر ما توجهت به اليمين وترد دعواه اما في حالة نكل الخصم عن اليمين المتممة فلا يترتب اي اثر على ذلك كأن يحكم القاضي ضده فلا يقيد القاضي بالاخذ بنتيجتها لكونها شرعت لأكمال الدليل الناقص
- في حالة وفاة الدائن وقبل ان يحلف يمين الاستظهار ينتقل حق الدائن الى ورثته فيجب ان يحلف القاضي ورثة الدائن الكبار يمين الاستظهار الا انه تكون الصيغة هنا (يمين بعدم العلم ) وبصيغة (( والله العظيم لا نعلم بأن مورثنا قد استوفى من المدين في حياته ولا بغيره ..الخ )) مافي اليمين من فقرات او غيرها حسب الصيغة التي تضعها المحكمة وفقا للقضية المعروضة امامها في حين المتممة لا نجد هذه الصورة في اليمين المتممة .
الخاتمة :
تعتبر يمين الاستظهار من الأيمان الهامة التي تضمن نزاهة القضاء في الدعاوى المقامة على الغائبين أو المتوفين، وتكمل نظام الإثبات في القانون العراقي. أما اليمين المتممة، فهي وسيلة لتعزيز الأدلة الناقصة وليست ملزمة كيمين الاستظهار. بينما اليمين التنفيذية تُستخدم في إطار قانون التنفيذ لضمان استيفاء الدين. فهم الفروق بين هذه الأيمان يُعد ضرورياً لكل من طلاب القانون و المحامين الممارسين و الحقوقيين لضمان العدالة وحماية الحقوق في مختلف أنواع الدعاوى.