المخبرين و صور الاخبارات الكاذبة في الجرائم الامثلة العملية
مقدمة
تُمثل الإخباريات الكاذبة تحديًا كبيرًا للنظام القضائي في العراق، وتتطلب وعيًا مجتمعيًا وقانونيًا لمواجهتها. إن فهم أنواع المخبرين ودوافعهم، إلى جانب التعرف على صور الإخبارات الكاذبة، يُسهم في تعزيز العدالة وتقوية الثقة في النظام القضائي. ويظل العقاب الرادع وتطبيق القانون بصرامة، السبيل الأمثل للحد من هذه الظاهرة السلبية التي تهدد أمن واستقرار المجتمع. بالمقابل، يشدد القانون على أهمية الإخبار عن الجرائم الحقيقية كجزء من مسؤولية الفرد تجاه المجتمع، ما يعزز دور العدالة في حماية المجتمع ومكافحة الجريمة.ومن الضروري فهم طبيعة الإخباريات الكاذبة، وأنواع المخبرين،وسنتعرض امثلة والدافع على تلك الإخبارات التي تقدم للمحاكم
مفهوم الإخبارات الكاذبة
الإخبارات الكاذبة هي المعلومات أو البلاغات التي يقدمها فرد أو مجموعة إلى الجهات القضائية أو الأمنية، وتكون هذه المعلومات في الغالب غير صحيحة أو مبالغًا فيها عن عمد، بهدف التأثير على سير العدالة أو إلحاق الأذى بالآخرين. يُجرم قانون العقوبات العراقي هذه الأفعال بشكل صريح، وكما تُعد الإخبارات الكاذبة من أخطر التحديات التي تواجه النظام القضائي في العراق، حيث يمكن أن تؤدي إلى إلحاق ضرر بالغ بالأفراد والمجتمع، سواء من خلال تشويه سمعة الأبرياء او استخدامها كأداة للابتزاز أو الانتقام أو من خلال إشغال المحاكم بقضايا غير حقيقية. تأتي هذه الإخباريات من عدة مصادر، ولكل نوع من المخبرين دافع مختلف عن الاخر .
أنواع المخبرين وصور الإخبارات الكاذبة
المخبر الحسن النية: هذا النوع من المخبرين يقدم بلاغًا أو إخبارا دون نية سيئة، وإنما بدافع من الخوف أو الالتباس أو الشعور بالواجب. وهذه البلاغات الكاذبة تكون عن جرائم لم تحدث ومثال ذلك يقوم شخص بالإبلاغ عن سرقة منزله بهدف الحصول على تعويض من شركة التأمين، رغم أن السرقة لم تحدث بالفعل. هذه الحالة شائعة بين المخبرين حسن النية الذين يعتقدون بحدوث جريمة بسبب سوء فهم أو التباس في الموقف.
المخبر الكيدي : يقوم هذا المخبر بتقديم إخبار كاذب بهدف الانتقام من شخص معين أو إلحاق الضرر به.وهذه البلاغات الكاذبة تكون ضد أشخاص بريئين وتكون اكثر صورها في نزاعات مالية أو عائلية، قد يلجأ أحد الأطراف إلى اتهام الآخر زورًا بجريمة مثل الخيانة أو الاختلاس. و هذه البلاغات تهدف إلى إلحاق ضرر مباشر بالشخص المخبر عنه وتوريطه في مشاكل قانونية معقدة.
المخبر الابتزازي : يستخدم هذا المخبر البلاغات الكاذبة كوسيلة للضغط على الآخرين وابتزازهم ماليًا أو معنويًا. ومثال ذلك قد يقوم شخص بإبلاغ السلطات عن تورط شخص آخر في أنشطة إرهابية دون وجود أدلة، بغرض إلحاق الأذى به أو تشويه سمعته. مثل هذه البلاغات تستغل الظروف السياسية والأمنية لتحقيق مكاسب شخصية.
المخبر الوهمي : يقوم هذا المخبر بتقديم معلومات غير حقيقية دون وجود أي غرض معين، وغالبًا ما يكون ذلك نتيجة لأوهام أو اضطرابات نفسية.وهذه البلاغات الكاذبة تكون في القضايا الأخلاقية في مجتمع محافظ، يمكن أن يكون للاتهامات الكاذبة بالزنا أو الفساد تأثير مدمر على حياة الأفراد، سواء من الناحية الاجتماعية أو القانونية. المخبر الوهمي قد يبلغ عن مثل هذه القضايا دون وجود أدلة أو بناءً على سوء فهم.
المخبر في حوادث الحريق : غالبا ما يدعي صاحب المحل او المتجر كذبأ بأن النار شبت في محله وقضت على جميع ما فيه قضاء وقدرا وعند اجراء الكشف على محل الجريمة يتبين وجود بقايا او اثار لمواد سريعة للاشتعال مما يبعث الى الشك والريبة في نفسية المحقق بأن الحريق وقع عمدا وقد تدل التحقيقات بأن المتجر مؤمن او البضائعة مؤمنة وكانت نية التاجر متجهة نحو قيمة التامين ، او للتهرب من دائنيه واشهار افلاسه حتى يتخلص من دفع الديون التي عليه .
الاخبار الكاذب بدافع الاغتصاب : كثيرا ما يحدث ان تتدعي فتاة كذبا بأن فلان قام بأغتصابها عندما كانت بكرا عذراء وقد يكون سبب هذا الاخبار بدافع الحب بغية حمل الشخص المخبر عنه على الزواح منها او بدافع الاستغلال والابتزاز طمعا بثروته او تلويث سمعته والتشهير به بدافع الغيرة او الحقد او الانتقام .
المخبر الكذاب : ان هذا النوع من الاخبارات يقوم على اتهام شخص اخر كذبأ بأن يقوم المخبر بأحداث عدة جروح في جسمه ويدعي وان فلان قد طعنه بسكين او ضربه في الالة راضة او عصى غليضة على راسه وهنا يمكن للمحقق اكتشاف كذب المخبر من خلال معاينته لمكان وانواع الجروح التي احدثها المشتكي بنفسه فمن المعروف اذا قام الى احداث الجروح بجسمه فانه لا يقسوا على نفسه بأحداث جروح عميقة نافذة في جسمه وغالبا ما تكون تلك الجروح بسيطة وظاهرة وفي اماكن غير خطرة بحيث يمكن معالجتها بكل سهولة
الاخبار عن حوادث القتل والانتحار والغرق : قد يتم اخبار المحقق بأن شخص قد انتحر لاسباب العوز او الفقر ومن ثم يتضح الى المحقق بأن سبب الانتحار سببا اخر غير الفقر .
آثار الإخبارات الكاذبة على المجتمع والقضاء
تؤثر الإخبارات الكاذبة على المجتمع والقضاء بطرق متعددة، منها :
- تعطيل العدالة: تُسهم الإخبارات الكاذبة في تعطيل مسار العدالة من خلال إشغال المحاكم بقضايا غير حقيقية، مما يؤخر البت في القضايا الحقيقية.
- تشويه سمعة الأبرياء: يمكن أن تؤدي الإخبارات الكاذبة إلى تشويه سمعة الأفراد الأبرياء وإلحاق ضرر نفسي واجتماعي بهم، حتى وإن ثبتت براءتهم لاحقًا.
- إهدار الموارد القضائية: تُهدر الإخبارات الكاذبة الموارد القضائية والوقت، مما يؤدي إلى زيادة الأعباء على الأجهزة القضائية والأمنية.
- تعزيز عدم الثقة في النظام القضائي: يمكن أن تؤدي الإخبارات الكاذبة المتكررة إلى زعزعة ثقة المجتمع في النظام القضائي والأمني، إذا ما تبين أن هذا النظام يتأثر بمثل هذه الإخبارات.
العقوبات القانونية للإخبارات الكاذبة في القانون العراقي
جرم قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 المعدل الإخبارات الكاذبة ويُقر عقوبات صارمة على مرتكبيها. وفقًا للمادة (243) من قانون العقوبات العراقي ونصت هذه المادة على :
كل من أخبر كذبا إحدى السلطات القضائية أو الإدارية عن جريمة يعلم أنها لم تقع أو أخبر إحدى السلطات المذكورة بسوء نية بارتكاب شخص جريمة مع علمه بكذب أخباره أو أختلق أدلة مادية على ارتكاب شخص ما جريمة خلاف الواقع أو تسبب باتخاذ إجراءات قانونية ضد شخص يعلم براءته وكل من أخبر السلطات المُختصة بأمور يعلم أنها كاذبة عن جريمة وقعت : يُعاقب بالحد الأقصى لعقوبة الجريمة التي أتهم بها المُخبر عنه إذا ثبت كذب أخباره وفي كل الأحوال أن لا تزيد العقوبة بالسجن عشر سنوات.
كما ينص القانون على تعويض المتضررين من الإخبارات الكاذبة، حيث يمكن للشخص الذي تعرض للإساءة أو الضرر بسبب بلاغ كاذب بعد اكتساب الحكم الجزائي الدرجة القطعية والنص بقرار الحكم ان له الحق بمراجعة المحاكم المدنية للمطالبة بالتعويض ان كان له مقتضى .أن يرفع دعوى مدنية امام محكمة البداءة للمطالبة بتعويضات مالية عن الأضرار التي لحقت به .