نظرة في الحماية القانونية للمحامي في التشريعات العراقية و المقارنة
ان الحماية القانونية للمحامي هي مجموعة القواعد القانونية التي اقرها القانون بموجب نصوص قانونية صريحة لها قوة الالزام والتنفيذ والتي تضمن للمحامي على أداء واجبه المهني بحرية واستقلالية دون الخوف من التوقيف أو الملاحقة القضائية بسبب نشاطه المهني لان المحامي هو العنصر الأساسي في نظام العدالة، و يلعب دورًا جوهريًا في تقديم المساعدة القانونية للمتقاضين والدفاع عن حقوقهم أمام القضاء.
في هذا السياق، يتمتع المحامي بمجموعة من الحقوق القانونية التي نص عليها المشرع العراقي في قانون المحاماة العراقي النافذ رقم (١٧٣) لسنة ١٩٦٥ . ياخذ القانون المقارن دورا مهما في اعطاء فكرة واضحة عن الحماية القانونية لذا ساحاول التطرق الى بعض قوانين المحاماة العربية اكمالا للفائدة
الحماية القانونية للمحامي في التشريعات العربية المقارنة
تختلف التشريعات العربية في توفير الحماية للمحامين أثناء ممارسة مهنتهم. ورغم هذا التنوع، فإن هناك تشابهات كبيرة فيما يتعلق بالحماية الممنوحة للمحامي، والتي تهدف جميعها إلى حماية حقوقه وتوفير بيئة آمنة لممارسة مهنته بحرية واستقلالية
القانون الأردني :
يتمتع المحامي بحماية قانونية مشابهة لتلك الموجودة في العراق. وفقًا ( للمادة40 الفقرة 1) من قانون نقابة المحامين الأردنيين، والتي نصت ( على الرغم مما ورد في أي تشریع آخر یتمتع المحامي لدى المحاكم والدوائر والسلطات التي یمارس مھنته امامھا بالحریة التامة بحیث لا یجوز توقیفه او تعقبه من اجل أي عمل قام به تأدیة لواجباته المھنیة و لا یتعرض المحامي تجاه ھذه المحاكم والدوائر والسلطات التي یمارس مھنته امامھا الا للمسؤولیة التأدیبیة وفق احكام ھذا القانون.( يمكنك الاطلاع على النص الكامل لهذا القانون من خلال هذا الرابط
القانون المصري :
يُمنح المحامي في مصر حماية قانونية تمنع توقيفه أو اتخاذ أي إجراء جنائي ضده بسبب أقواله أو كتاباته أثناء ممارسته لمهنته. المادة 51 من قانون المحاماة المصري تنص على ألا يجوز التحقيق مع محام أو تفتيش مكتبه إلا بمعرفة احد أعضاء النيابة العامة .ويجب على النيابة العامة أن تخطر مجلس النقابة العامة أو مجلس النقابة الفرعية إذا كان محاميا متهما بجناية أو جنحة خاصة بعملة أن يحضر هو أو من ينيبه من المحامين التحقيق.ولمجلس النقابة العامة ولمجلس النقابة الفرعية طلب صور التحقيق بغير رسوم .
القانون السوري :
في سوريا، تنص ( المادة78 الفقرة ب )من قانون تنظيم مهنة المحاماة رقم 30 لعام 2010 في غير حالة الجرم المشهود لا يجوز توقيف المحامي أو استجوابه أو تحريك الدعوى العامة بحقه قبل إبلاغ مجلس الفرع التابع له ليكون على علم وإطلاع على كل الإجراءات المتخذة ضده ويتوجب على النيابة العامة في هذه الحالة تكليف المدعي الشخصي تقديم كفالة نقدية تعين مقدارها النيابة العامة حين تقديم الادعاء لا تقل عن خمسة الاف ليرة سورية ويقضى بمصادرة الكفالة لصالح الخزينة العامة إذا ظهر المدعى غير محق في دعواه.
الحماية القانونية للمحامي في القانون العراقي
تضمن قانون المحاماة العراقي النافذ رقم 173 لسنة 1965 المعدل على عدة انواع من الحماية القانونية والتي ورد ذكرها على سبيل الحصر وهي بنفس الوقت ليست حماية مطلقة بل مقيدة والسبب في ذلك انها ليست مرتبطة بشخص المحامي وانما مرتبطة بالمهام والاعمال التي يقوم بها المحامين وهذه الحماية القانونية بالمعنى العام ليست تنصلاً من العقاب بل لكي يتمكن المحامين من ممارسة أعمالهم دون أي ضغط أو تهديد و بحرية تامة وهذا بدوره يكرس مبدأ العدالة والمساواة أمام القانون. ومن اجل الوقوف على هذه الحماية القانونية وتحليلها والغاية او الحكمة التشريعية منها سنتطرق الى بعض النصوص القانونية التي اشارت اليها ومنها:
اولا: المادة 24 محاماة: للمحامي أن يسلك الطريقة المشروعة التي يراها مناسبة في الدفاع عن موكله، ولا يكون مسؤولاً عما يورده في عريضة الدعوى أو مرافعاته الشفوية أو التحريرية مما يستلزمه حق الدفاع
في الشق الاول من النص يؤكد على أن المحامي يتمتع بحرية اختيار الأساليب القانونية التي يراها الأكثر فعالية في الدفاع عن موكله اما الطريقة المشروعة: تعني أن المحامي يجب أن يلتزم بالقوانين والأنظمة المعمول بها أثناء دفاعه عن موكله. بمعنى آخر، يجب أن تكون جميع الإجراءات والطرق التي يتبعها المحامي قانونية وغير مخالفة للنظام العام أو القوانين. و التي يراها مناسبة في الدفاع عن موكله : وهذا العبارة اعطت للمحامي المحامي مساحة كبيرة في اتخاذ القرارات التي يعتقد أنها تصب في مصلحة موكله، مما يعزز من استقلاليته في ممارسة مهنته.
تتجلى أهمية هذا النص يُعزز من استقلالية المحامي ويمنحه القدرة على ممارسة مهامه بدون ضغوط خارجية أو خوف من المساءلة القانونية طالما كان عمله ضمن حدود القانون. إنه يضمن أن المحامي يستطيع الدفاع عن موكله بفعالية وحماية حقوقه، وهو جزء مهم من تحقيق العدالة في النظام القضائي.
ثانيا: المادة 28 محاماة : لا يجوز توقيف المحامي عما ينسب اليه من جرائم القذف والسبب والاهانة بسبب اقوال او كتابات صدرت منه اثناء ممارسته المحاماة ولا يجوز ان يشترك الحاكم او حكام المحكمة التي وقع عليها اعتداء من المحامي في نظر الدعوى التي تقام عليه .
حصانة من التوقيف: هذه الفقرة تنص على أن المحامي يتمتع بحصانة خاصة أثناء قيامه بمهامه المهنية. إذا تم اتهام المحامي بارتكاب جرائم مثل القذف أو السب أو الإهانة نتيجة لأقوال أو كتابات أصدرها أثناء ممارسته لمهنته، فإنه لا يجوز توقيفه بشكل مباشر بسبب تلك الجرائم.
القذف والسب والإهانة: هذه الجرائم تتعلق بالإساءة اللفظية أو التشهير بالآخرين. إلا أن القانون يعترف بأن المحامي، في إطار دفاعه عن موكله، قد يصدر عنه كلام أو كتابات قد تُفسر بأنها قذف أو إهانة. لذلك، يمنحه القانون حصانة ضد التوقيف المباشر في مثل هذه الحالات، باعتبار أن ذلك جزء من حق الدفاع.
يجب أن يكون الفعل المنسوب الى المحامي من اقوال او اهانات لفظية صدرت منه متعلقا بموضوع الدعوى ومما يستلزمه حـق الـدفاع ،لأنه اذا لـم يكـن مـن مسـتلزمات حـق الـدفاع ارتفعـت الحصـانة عن المحامي اذ لا يجـوز فـي هـده الحالـة أن تكون طريقا للنيل من اعتبار الخصم و شرفه .
يجب أن يقع الفعل المنسوب الى المحامي قد حصل فعلا في ذات الدعوى و هي مازالت قائمة ، لأنه إذا وقـع قبـل الجلسـة أو بعد تأجيلها فان الجرم يعتبر واقعا والحصانة غير قائمـة مهمـا كـان سـببب التأجيـل و تشمل الحصانة الجرم إدا تضـمنه اسـتدعاء الدعوى لأنه ضروري لهمـا و كـذلك تشــمل الحصــانة الجــرم الواقــع فــي إنــدار رســمي موجــه مــن محــامي أحــد الطــرفين إذا كانت هناك دعوى وقائمة بينهما
عدم اشتراك القاضي المعتدى عليه في النظر في الدعوى:
لا يجوز أن يشترك الحاكم أو حكام المحكمة التي وقع عليها اعتداء من المحامي في نظر الدعوى التي تقام عليه وذلك لسببين :
منع التحيز: تنص هذه الفقرة على أنه في حال قيام المحامي بأي اعتداء على القاضي أو حكام المحكمة (الذين يديرون الجلسات) خلال أدائه لمهامه، فإن هؤلاء القضاة أو الحكام لا يمكنهم النظر في القضية التي تُرفع ضد المحامي.
الحياد والعدالة: الهدف من هذا الحكم هو ضمان الحياد والعدالة. إذا اشترك القاضي الذي تعرض للاعتداء من قبل المحامي في نظر القضية، فقد يؤدي ذلك إلى تحيز غير عادل ضد المحامي. لذلك، يُمنع القاضي المعتدى عليه من المشاركة في المحاكمة لضمان محاكمة عادلة وغير متحيزة.
حماية المحامي: هذه المادة تمنح المحامي نوعًا من الحماية التي تمكنه من أداء مهامه بحرية ودون خوف من التعرض للعقاب الفوري أو التحيز القضائي. فهي تتيح للمحامي ممارسة دوره في الدفاع بقوة وفعالية.
ضمان العدالة: النص على عدم اشتراك القضاة المعتدى عليهم في نظر القضايا ضد المحامي يضمن أن الإجراءات القضائية تتم بصورة نزيهة، بعيدًا عن أي تحيز قد ينشأ بسبب موقف شخصي بين القاضي والمحامي وتتجلى اهمية هذا النص القانوني حيث انه يحمي المحامي من التوقيف المباشر في حال اتهامه بجرائم ترتبط بممارسته لمهنته، وتضمن أن أي دعوى تُرفع ضده تتم في محكمة نزيهة دون اشتراك القضاة الذين قد يكون لهم موقف شخصي في القضية. هذه المادة تؤكد على مبدأ الحياد وضمانات الدفاع الحر والمحايد في النظام القانوني.
ثالثا : المادة 30 محاماة : يجب اخبار النقابة باي شكوى تقدم ضد محام ، وفي غير حالة الجرم المشهود لا يجوز استجواب المحامي او التحقيق معه لجريمة منسوبة اليه متعلقة بممارسة مهنته الا بعد اخبار النقابة بذلك .ولنقيب المحامين او من ينوب عنه حضورالاستجواب والتحقيق .
هذا النص يؤكد على ضرورة إشراك نقابة المحامين في أي إجراء قانوني يُتخذ ضد المحامي، مما يعزز من حماية المحامي ويضمن أن يتم التعامل مع أي شكوى أو اتهام بحقه وفقًا للقانون وبشفافية حيث اشار النص اعلاه الى عدم جواز استجواب المحامي او التحقيق معه الا اذا كانت الجريمة مشهودة ويقصد بالمشاهدة هنا المشاهدة الحقيقية للجريمة وليس للمجرم مرتكب الفعل الجرمي، كمن يشاهد القاتل وهو يطعن الضحية المجنى عليه أو مشاهدة السارق يسرق أو مشاهدة الموظف المرتشي فاذا ارتكب المحامي اي جريمة غير متعلقة بممارسة مهنة المحاماة او قدمت شكوى ضده فترفع هذه الحماية عنه لان تلك الحماية ليست مطلقة ومقيدة بعدم ارتكاب أي فعل ومن أي نوع يقع تحت طائلة المساءلة القانونية.
رابعا: المادة 31 : لا يجوز حجز وبيع كتب المحامي وموجودات مكتبه الضرورة لممارسة مهنته .
خامسا: المادة 32 : لا يجوز تنفيذ القرارات القضائية او الادارية المستهدفة تفتيش مقر نقابة المحامين ودوائرها الا بعد اخبار نقيب المحامين او من ينوب عنه عند غيابه .