الدفع بعدم الاختصاص المكاني في ظل قانون المرافعات العراقي
الدفع بعدم الاختصاص المكاني: هو دفع شكلي مقرر لمصلحة المدعى عليه يدفع به بأن المحكمة التي أقيمت أمامها الدعوى ليست هي المحكمة المختصة مكانياً بنظرها طبقاً لقواعد الاختصاص المكاني (التقسيمات الإدارية) ويجب ابداءه قبل أي طلب أو دفع موضوعي وقبل الدخول في اساس الدعوى الا سقط الحق فيه وهذا الدفع لا يتعلق بالنظام العام ولا يمكن للمحكمة اثارته من تلقاء نفسها.
بين المشرع العراقي في الفصل الثالث من قانون المرافعات المدنية الاختصاص المكاني للدعاوى المدنية وأين تقام في المواد (٣٦-٤٣):
اولا- المادة ٣٦: تقام الدعوى في محكمة محل العقار إذا تعلقت بحق عيني. وإذا تعددت العقارات جاز اقامة الدعوى في محل أحدها.
ثانيا- المادة ٣٧:
١- تقام دعوى الدين أو المنقول في محكمة موطن المدعى عليه أو مركز معاملاته أو المحل الذي نشأ فيه الالتزام أو محل التنفيذ أو المحل الذي اختاره الطرفان لإقامة الدعوى.
٢- إذا تعدد المدعى عليهم واتحد الادعاء أو كان مترابطا تقام الدعوى في محل اقامة أحدهم
ثالثا- المادة ٣٨:
١- تقام الدعوى في المسائل المتعلقة بالأشخاص المعنوية القائمة أو التي في دور التصفية بالمحكمة التي يقع في دائرتها مركز ادارتها الرئيسي.
٢- إذا كانت الدعوى ناشئة عن معاملة مع فرع الشخص المعنوي جاز اقامتها بمحكمة مركز الإدارة أو المحكمة التي يقع بدائرتها ذلك الفرع.
رابعا- المادة ٣٩:
١- تقام دعوى الإفلاس والدعاوى الناشئة عنه في محكمة متجر المفلس. وإذا تعددت متاجره فتقام الدعوى في محكمة المحل الذي اتخذه مركزا رئيسيا العمالة التجارية
٢-إذا اعتزل التاجر التجارة أو توفى فتقام الدعوى بالمحكمة التابع لها موطن المدعى عليه.
خامسا- المادة ٤٠: تقام الدعوى بمصاريف الدعوى وأجور المحاماة أمام المحكمة التي قضت في أساس الدعوى ولو لم تدخل أصال في اختصاصها أو صالحيتها وذلك باستثناء محاكم الجزاء والاستئناف والتمييز.
سادسا- المادة ٤١: إذا لم يكن للمدعى عليه موطن ولا سكن في العراق فتقام الدعوى في المحكمة التي يقع في دائرتها موطن المدعى أو سكن. فإن لم يكن للمدعى موطن ولا سكن في العراق فتقام الدعوى في محاكم مدينة بغداد.
سابعا -المادة مادة ٤٢: تراعى الأحكام المتقدمة في طلبات الحجز الاحتياطي والتدابير والإجراءات المستعجلة.
سابعا- المادة ٤٣: يحدد الاختصاص المكاني تبعا للتقسيمات الإدارية.
اما بالنسبة الى الاختصاص المكاني لدعوى الأحوال الشخصية سبق وان شرحتها في موضوع منفصل تجد رابطه أسفل الموضوع

كيفية الدفع بعدم الاختصاص المكاني:
نصت المادة (٧٤) من قانون المرافعات المدنية: الدفع بعدم الاختصاص المكاني يجب ابداؤه كذلك قبل التعرض لموضوع الدعوى وإلا سقط الحق فيه.
قبل صدور الحكم الفاصل في الدعوى:
في حالة حضور الطرفين يجب اثارة هذا الدفع قبل الدخول في أساس الدعوى يجوز ابداؤه اثناء المرافعة بصورة شفوية او بطلب تحريري الى المحكمة من قبل المدعى عليه او وكيله كما ان عدم اثارته في أولى مراحل الدعوى يعتبر قبول ضمني من المدعى عليه باختصاص المحكمة بنظر الدعوى فاذا دفع المدعى عليه بعدم اختصاص المحكمة مكانيا بنظر الدعوى وتبين للمحكمة انها غير مختصة مكانيا وغالبا ما يستدل من خلال العنوان المثبت للمدعى عليه في عريضة الدعوى.
وجب على المحكمة أحاله الدعوى إلى المحكمة المختصة مكانيا وهي محكمة محل إقامة المدعى عليه او محل العقار او نشوء الالتزام.. الخ مع الاحتفاظ بالرسوم القضائية المدفوعة وتبليغ الطرفين بمراجعة المحكمة المحالة اليها الدعوى خلال خمسة عشر يوما من تاريخ الإحالة طبقا لأحكام المادة (٧٨) مرافعات: إذا قضت المحكمة بعدم اختصاصها القيمي أو المكاني وجب عليها أن تحيل الدعوى إلى المحكمة المختصة مع الاحتفاظ بما دفع من رسوم قضائية.
نصت المادة (٧٩) من قانون المرافعات: إذا رات المحكمة المحالة عليها الدعوى انها لا تختص بنظرها فيكون قرارها قابلا للطعن تمييزا.
وطبقا للمادة أعلاه إذا رأت المحكمة المحالة عليها الدعوى أنها غير مختصة مكانيا بنظر الدعوى تقوم برفض الإحالة وتعيد الدعوى الى المحكمة المحيلة ويكون قرارها (برفض الإحالة) قابلا للتمييز امام محكمة الاستئناف بصفتها التمييزية من قبل الخصوم فقط و خلال سبع أيام طبقا لأحكام الفقرة (١) من المادة (٢١٦) مرافعات.
واما في حالة عدم الطعن بقرار رفض الإحالة من قبل الخصوم او تم الطعن به تمييزا ولكنه تم رده شكلا من قبل محكمة التمييز الموقرة لاي سبب كان فتكون المحكمة المحيلة هي المختصة مكانيا وتمضي بنظرها وتفصل بها وفقا للقانون ولا يكون للمحكمة التي احالت الدعوى الحق في هذه الحالة عرض التنازع الحاصل على محكمة التمييز الاتحادية الموقرة من تلقاء نفسها لان الاختصاص المكاني حق مقرر لمصلحة الخصوم وليس من النظام العام
في حالة صدور الحكم غيابيا بحق المدعى عليه:
اذا قدم هذا الدفع بعد صدور الحكم في الدعوى وقام المعترض بأدراجه في عريضة الاعتراض على الحكم الغيابي وفي اليوم المحدد للمرافعة تتأكد المحكمة من صفات الخصوم والتبليغ وان الاعتراض على الحكم الغيابي مقدم ضمن مدته القانونية البالغة عشرة أيام ومشتملا على أسبابه وبعكسه تحكم المحكمة برده شكلا طبقا لأحكام المادة (١٧٩) من قانون المرافعات فاذا ثبت للمحكمة عدم اختصاصها مكانيا في نظر الدعوى تقوم المحكمة بأبطال الحكم الغيابي ورد دعوى المدعي شكلا، لان الحكم الغيابي صدر على خلاف قواعد الاختصاص فحينها يكون هذا الدفع دفعا شكليا حقيقيا لأنه رد دعوى المدعي .
الدفع بعدم الاختصاص المكاني امام محكمة الاستئناف.
أن الاختصاص المكاني لمحاكم الاستئناف بصفتها الاصلية يعد من النظام العام حيث لا يتحدد الاختصاص المكاني لها وفقا لمحل إقامة المستأنف عليه وانما يتحدد على اساس المحكمة المستأنف حكمها ويعد اختصاصاً متعلقاً بالوظيفة لذا يعتبر الاختصاص المكاني متعلق بالنظام العام في هذه المرحلة من التقاضي فاذا اثير في عريضة الاستئناف الدفع بعدم الاختصاص المكاني للمحكمة فعلى محكمة الاستئناف التحقق من هذا الدفع ابتداءً ومن ثم السير في الدعوى موضوعاً في الواقع العملي هناك حالتين:
الحالة الأولى/ وقوع المحكمتين اللتين يتنازعان الاختصاص ضمن منطقة استئنافية واحدة فهنا يكون الدفع بعدم الاختصاص المكاني غير منتج بالدعوى لان المحكمتين تقعان ضمن منطقة استئنافية واحدة.
الحالة الثانية / وقوع المحكمتين ضمن منطقتين استئنافيتين مختلفتين.
ففي هذه الحالة هناك من يرجح بان محكمة الاستئناف تتخذ قرارها بفسخ الحكم البدائي ورد الدعوى لمخالفتها قواعد الاختصاص المكاني دون ان تحيل الدعوى الى المحكمة المختصة لان الاحالة التي قصدها المشرع العراقي بالمادة (٧٨) مرافعات مدنية هي تلك التي تجري بين محاكم البداءة أو محكمة الاحوال الشخصية وتكون بدرجة واحدة ولا يمكن تصورها بين محاكم الاستئناف.
في الختام، يُعد الدفع بعدم الاختصاص المكاني من الدفوع الشكلية المهمة التي تُمكّن الخصوم من ضمان احترام مبدأ التقاضي أمام المحكمة المختصة مكانياً، وهو حق يجب استعماله بحكمة وفي وقته القانوني المناسب. وإثارة هذا الدفع لا تهدف إلى عرقلة العدالة، بل إلى تعزيزها من خلال احترام ضوابط الاختصاص التي وضعها المشرّع لتحقيق العدالة الناجزة والمتوازنة.